Kamis, 31 Mei 2012

تَرْبِيَةُ المُرَاهِقِ


خطبة الجمعة فى مسجد جامع ابو بكر الصديق
بمعهد دار الاستقامة للتربية الاسلامية
مدينة سيرانج - بنتن – اندونيسيا
الخاطب: الاستاذ خالد ماء مون

تَرْبِيَةُ المُرَاهِقِ
الْحَمْدُ للهِ الَّذِي خَلَقَ الإِنْسَانَ أَطْوَارًا، وَأَمَرَ بِبِرِّ الأَبْـنَاءِ صِغَارًا وَكِبَارًا، وَأَشْهَدُ أَن لاَّ إِلَهَ إِلاَّ اللهُ وَحْدَهُ لاَ شَرِيكَ لَهُ، أَثْنَى عَلَى العَامِلِينَ المُخْلِصِينَ مِرَارًا وَتَكْرَارًا، وَخَصَّ مِنْهُمْ مَنْ قَامَ فِي مَصَالِحِ أَهْـلِهِ ثَنَاءً وَإِقْرَارًا، وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُ اللهِ وَرَسُولُهُ، جَعَلَ لِلْحَيَاةِ بِشَرْعِهِ مَصَابِيحَ وَأَنْوَارًا، r وَعَلَى أَصْحَابِهِ مُهَاجِرِينَ وَأَنْصَارًا، وَمَنْ تَبِعَهُمْ بِإِحْسَانٍ لَيْلاً وَنَهَارًا.
أَمَّا بَعْدُ؛ فَيَا عِبَادَ اللهِ: اتَّقُوا اللهَ تَعَالَى، وَاعلَمُوا أَنَّ حَيَاةَ الإِنْسَانِ تَنْتَقِلُ مِنْ طَوْرٍ إِلَى آخَرَ، وَمِنْ مَرْحَلَةٍ إِلَى أُخْرَى، فَمِنَ الطُّفُولَةِ إِلَى المُرَاهَقَةِ، إِلَى الرُّشْدِ ثُمَّ الشَّيْخُوخَةِ، ] اللَّهُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ ضَعْفٍ ثُمَّ جَعَلَ مِنْ بَعْدِ ضَعْفٍ قُوَّةً ثُمَّ جَعَلَ مِنْ بَعْدِ قُوَّةٍ ضَعْفًا وَشَيْبَةً يَخْلُقُ مَا يَشَاءُ وَهُوَ الْعَلِيمُ الْقَدِيرُ [([1])، وَفِي كُلٍّ مِنْ هَذِهِ المَرَاحِلِ سِمَاتٌ وَمَلامِحُ، وَأَحْوَالٌ وَمُتَطَلَّبَاتٌ، يَنْبَغِي لِكُلِّ امرِئٍ مَعْرِفَتُهَا، حَتَّى يَستَطِيعَ التَّعَامُلَ مَعَهَا، وَسَدَّ حَاجَاتِهَا، وَتُعَدُّ مَرْحَلَةُ المُرَاهَقَةِ هِيَ المَرْحَلَةَ الأَكْثَرَ حَسَاسِيَةً فِي حَيَاةِ الإِنْسَانِ، لِمَا يُمَيِّزُهَا مِنَ التَّقَلُّبِ وَحُبِّ الاستِكْشَافِ، وَالتَّقْلِيدِ وَالمَيْـلِ نَحْوَ اتِّخَاذِ المَثَلِ وَالقُدْوَةِ، وَالانتِقَالِ مِنْ مَرْحَلَةِ الاعتِمَادِ عَلَى الآخَرِينَ إِلَى حُبِّ إِثْبَاتِ الذَّاتِ وَسَيْطَرَتِهَا، ثُمَّ مِنَ الجَانِبِ الآخَرِ تَتَمَيَّزُ هَذِهِ المَرْحَلَةُ بِحَيَوِيَّةٍ وَنَشَاطٍ، وَصَبْرٍ وَتَحَمُّـلٍ، فَلِذَا كَانَتِ العِنَايَةُ بِهَذِهِ المَرْحَلَةِ مِنْ أَهَمِّ الوَاجِبَاتِ، وَالنَّظَرُ فِي صَلاحِهَا وَإِصْلاحِهَا مِنْ أَجَلِّ الأَعْمَالِ، وَفِي حَدِيثِ الرَّسُولِ r إِشَارَةٌ إِلَى هَذِهِ المَرْحَلَةِ وَأَهَمِّـيَّـتِهَا، بِحَيْثُ يُسْأَلُ الإِنْسَانُ عَمَّا يَفْعَلُهُ فِيهَا عَلَى وَجْهِ التَّحْدِيدِ، فَعَنْ أَبِي بَرْزَةَ الأَسْـلَمِيِّ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ أَنَّ رَسُولَ اللهِ  r قَالَ: ((لا تَزُولُ قَدَمَا عَبْدٍ يَوْمَ القِيَامَةِ حَتَّى يُسْأَلَ عَنْ أَرْبَعٍ: عَنْ عُمُرِهِ فِيمَ أَفْنَاهُ، وَعَنْ شَبَابِهِ فِيمَ أَبْلاهُ، وَعَنْ مَالِهِ مِنْ أَيْنَ اكتَسَبَهُ وَفِيمَ أَنْفَقَهُ، وَعَنْ عِلْمِهِ مَاذَا عَمِلَ فِيهِ)).
أَيُّهَا المُسلِمُونَ:
إِنَّ مَرْحَلَةَ المُرَاهَقَةِ لَدَى الفَتَى أَوِ الفَتَاةِ تَستَدْعِي مِنْ أَوْلِيَاءِ الأُمُورِ أَنْ يَكُونُوا أَكْثَرَ حِكْمَةً وَعِلْمًا، وَأَوفَرَ حَظًّا فِي فُنُونِ التَّعَامُلِ مَعَهُمْ، وَأَسَالِيبِ التَّرْبِيَةِ البَنَّاءَةِ لَهُمْ، فَلا يَنْبَغِي المَسِيرُ عَلَى نَهْجِ سُوءِ الظَّنِّ وَالاتِّهَامَاتِ، أَوِ التَّقْلِيلِ مِنْ أَثَرِ هَذِهِ المَرْحَلَةِ فِي الحَيَاةِ، أَوِ التَّعَلُّلِ بِقِلَّةِ الوَقْتِ وَكَثْرَةِ الأَشْغَالِ وَالمَسْؤُولِيَّاتِ، فَإِنَّ التَّقْصِيرَ فِي تَرْبِيَةِ الأَبْنَاءِ فِي هَذِهِ المَرْحَلَةِ خَاصَّةً تَتَرَتَّبُ عَلَيْهِ مُشْكِلاتٌ فِي المُستَقْبَلِ، وَيَظَلُّ أَثَرُ التَّقْصِيرِ مُمْـتَدًّا فِي حَيَاةِ الأَبْنَاءِ النَّفْسِيَّةِ وَالجِسْمِيَّةِ وَالعَقْلِيَّةِ وَغَيْرِهَا، وَاللهُ تَعَالَى سَائِلٌ كُلَّ رَاعٍ عَمَّا استَرْعَاهُ مِنْ أَمَانَاتٍ، وَوَكَلَ إِلَيْهِ مِنْ مَسْؤُولِيَّاتٍ، وَالنَّبِيُّ r يَقُولُ: ((كَفَى بِالمَرْءِ إِثْمًا أَنْ يُضَيِّعَ مَنْ يَعُولُ))، وَالتَّضْيِيعُ شَامِلٌ لِكُلِّ أَوْجُهِ التَّقْصِيرِ سَوَاءً فِي الجَانِبِ المَادِّيِّ، أَوْ فِي وَاجِبَاتِ التَّرْبِيَةِ وَالتَّأْدِيبِ، فَلْيَنْتَبِهِ المُرَبُّونَ لِذَلِكَ، وَلْيَتَدَارَكُوا مَا فَاتَهُمْ، وَلْيَبْنُوا عَلَى مَا قَدَّمُوا مِنْ خَيْرٍ حُسْـنًا وَجَمَالاً.
أَيُّهَا المُرَبُّونَ:
إِنَّ تَرْبِيَةَ الشَّبَابِ عَلَى القِيَمِ وَالفَضَائِلِ لا مَثِيلَ لَهَا فِي الأَهَمِّيَّـةِ، وَلا شَبِيهَ لَهَا فِي الأَثَرِ وَالنَّتَائِجِ، فَشَبَابُ اليَوْمِ هُمْ رِجَالُ الغَدِ، وَهُمْ أَمَلُ الأُمَمِ وَالحَضَارَاتِ، وَلِذَلِكَ يَنْبَغِي أَنْ نَسْـلُكَ فِي تَرْبِيَةِ المُرَاهِقِينَ مَسَالِكَ بَنَّاءَةً، وَطُرُقًا سَدِيدَةً، تُقَرِّبُهُمْ إِلَى المَبَادِئِ الجَلِيلَةِ، وَالقِيَمِ النَّبِيلَةِ، وَالأَخْلاقِ الفَاضِلَةِ، وَالسُّـلُوكِ الإِيجَابِيِّ، وَالتَّفْكِيرِ الصَّحِيحِ وَالإِبْدَاعِ فِي الحَيَاةِ، وَالابتِكَارِ وَحُبِّ العَمَلِ، وَتُبْعِدُهُمْ عَنِ الكَسَلِ، وَفُضُولِ الأَعْمَالِ وَالأَقْوَالِ، وَإِضَاعَةِ الأَوقَاتِ وَالتَّقْلِيدِ الأَعْمَى لِلشَّكْلِيَّاتِ. وَهَذَا إِنَّمَا يَكُونُ     - أَيُّهَا المُرَبُّونَ - بِالعَمَلِ عَلَى مَحَاوِرَ عِدَّةٍ: أَوَّلُهَا فِي تَبَنِّي لُغَةِ الحِوَارِ مَعَ الشَّبَابِ، وَالتَّوَاصُلِ مَعَهُمْ وَالتَّوَدُّدِ نَحْوَهُمْ، لِفَهْمِ مُتَطَلَّبَاتِهِمْ، وَالاستِمَاعِ إِلَى آرَائِهِمْ، وَالفَهْمِ الدَّقِيقِ لِكُلِّ أَفْكَارِهِمْ، وَعَدَمِ التَّجَاهُلِ وَالتَّجَهُّمِ لِمُشْكِلاتِهِمْ، وَثَانِيهَا فِي  التَّرْكِيزِ عَلَى إِيجَابِيَّاتِ الشَّبَابِ وَمَا لَدَيْهِمْ مِنْ مَوَاهِبَ وَقُدُرَاتٍ، وَمَا يَستَطِيعُونَ إِنْجَازَهُ مِنْ مَهَامَّ وَابتِكَارَاتٍ وَمُخْتَرَعَاتٍ، وَثَالِثُهَا فِي العِنَايَةِ النَّفْسِيَّةِ بِهِمْ وَرَفْعِ مَعْنَوِيَّاتِهِمْ، وَلا سِيِّمَا عِنْدَمَا يَقَعُونَ فِي أَخْطَاءٍ، أَوْ يَقَعُ عَلَيْهِمُ اعتِدَاءٌ، فَإِنَّ تَجَاهُلَ ذَلِكَ وَإِهْمَالَهُ سَيُورِثُ جُرُوحًا عَمِيقَةً فِي النُّفُوسِ، وَرُبَّمَا تَتَغَلْغَلُ فِيهَا حَتَّى تُورِثَ الأَحْـقَادَ وَسُوءَ الطِّبَاعِ. وَحَوْلَ ذَلِكَ فَإِنَّ مَرَاشِدَ الدِّينِ وَاضِحَةٌ، فِي أَنَّ بَابَ التَّوْبَةِ مَفْتُوحٌ، وَأَنَّ وُقُوعَ المَرْءِ فِي الأَخْطَاءِ مَدْعَاةٌ إِلَى سُرْعَةِ التَّوبَةِ وَالأَوْبَةِ إِلَى اللهِ سُبْحَانَهُ، وَأَنَّ الذُّنُوبَ تُمْحَى، وَالمَعَاصِيَ تُبَدَّلُ إِلَى حَسَنَاتٍ، وَفِي ذَلِكَ رَاحَةٌ لِلضَّمِيرِ وَاستِتْبَابٌ لِلأَمْنِ النَّفْسِيِّ، يَقُولُ اللهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى: ] وَالَّذِينَ لَا يَدْعُونَ مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آَخَرَ وَلَا يَقْتُلُونَ النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلَّا بِالْحَقِّ وَلَا يَزْنُونَ وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ يَلْقَ أَثَامًا (68) يُضَاعَفْ لَهُ الْعَذَابُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَيَخْلُدْ فِيهِ مُهَانًا (69) إِلَّا مَنْ تَابَ وَآَمَنَ وَعَمِلَ عَمَلًا صَالِحًا فَأُولَئِكَ يُبَدِّلُ اللَّهُ سَيِّئَاتِهِمْ حَسَنَاتٍ وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَحِيمًا (70) [([2]).
أَيُّهَا الشَّبَابُ:
أَنْتُمْ أَهْـلُ العَزْمِ وَالقُوَّةِ، وَفِيكُمُ النَّشَاطُ وَالفُتُوَّةُ، وَعَلَيْكُمْ آمَالُ المُستَقْبَلِ، فَكُونُوا عَلَى تَطَلُّعٍ دَائِمٍ نَحْوَ الخَيْرِ، وَنَظَرٍ إِيجَابِيٍّ إِلَى الحَيَاةِ، فَلا مَكَانَ لِلْمُتَشَائِمِينَ، وَلا مُستَقْبَلَ لِلْيَائِسِينَ. خُذُوا مِنَ العُلُومِ وَالمَعَارِفِ المُخْتَلِفَةِ، وَتَزَوَّدُوا مِنَ الثَّقَافَاتِ المُتَعَدِّدَةِ, فَمَنْ نَالَ العِلْمَ تَقَدَّمَ عَلَى غَيْرِهِ، وَرَفَعَ اللهُ قَدْرَهُ، فَلا حَضَارَةَ وَلا رِفْعَةَ إِلاَّ بِالعِلْمِ، وَاجتَنِبُوا المِسَاسَ بِأَمْوَالِ النَّاسِ، وَإِيَّاكُمْ وَالعَبَثَ بِالأَعْرَاضِ أَوِ التَّعَرُّضَ لِلدَّمِ الحَرَامِ، أَوِ الإِرْجَافَ بِالفَسَادِ، فَإِنَّ جَمِيعَهَا مِمَّا تُعَجَّـلُ عُقُوبَتُهُ، وَإِنَّ إِثْمَهَا عَظِيمٌ وَأَثَرَهَا خَطِيرٌ، وَعَلَيْكُمْ بِحِفْظِ أَنْفُسِكُمْ وَأَهْـلِيكُمْ، وَالتَّخَلُّقِ بِالقِيَمِ الرَّفِيعَةِ، وَالعَادَاتِ الحَسَنَةِ، وَالتُّؤَدَةِ فِي الأُمُورِ، وَحُسْنِ التَّعَامُلِ مَعَ الآخَرِينَ، وَتَخَيَّرُوا لأَنْفُسِكُمُ الصُّحْبَةَ الجَيِّدَةَ، وَالرُّفَقَاءَ الطَّيِّبِينَ، وَالأَصْدِقَاءَ ذَوِي الأَخْلاقِ وَالطَّبَائِعِ الحَسَنَةِ، وَكُونُوا أَهْـلَ صِدقٍ فِي العُهُودِ، وَلا تَلْتَفِتُوا إِلَى الشِّعَارَاتِ الفَارِغَةِ، أَوِ الهُتَافَاتِ الَّتِي لا مَضْمُونَ لَهَا.
وَتَجَمَّـلُوا - مَعْـشَرَ الشَّبَابِ - بِالأَخْلاقِ، وَتَزَيَّنُوا بِالحِلْمِ وَالعِلْمِ، وَتَفَاضَلُوا فِيمَا بَيْنَكُمْ بِالتَّقْوَى، وَاستَمْسِكُوا بِالعُرْوَةِ الوُثْقَى؛ يُؤْتِكُمُ اللهُ تَعَالَى أُجُورَكُمْ، وَيُوصِلْكُمْ إِلَى مُبْـتَغَاكُمْ، وَيُحَقِّقْ أَهْدَافَكُمْ وَمَقَاصِدَكُمْ.
أقُولُ قَوْلي هَذَا   وَأسْتغْفِرُ اللهَ العَظِيمَ   لي وَلَكُمْ،   فَاسْتغْفِرُوهُ   يَغْفِرْ لَكُمْ    إِنهُ هُوَ الغَفُورُ الرَّحِيمُ،  وَادْعُوهُ يَسْتجِبْ لَكُمْ   إِنهُ هُوَ البَرُّ الكَرِيْمُ.
*** *** ***
الحَمْدُ للهِ عَلَى الخَيْرِ وَالإِفْضَالِ، وَالشُّكْرُ لَهُ عَلَى التَّوفِيقِ وَحُسْنِ النَّوَالِ، وَأَشْهَدُ أَن لاَّ إِلَهَ إِلاَّ اللهُ وَحْدَهُ لاَ شَرِيكَ لَهُ، ذُو العِزَّةِ وَالمُلْكِ وَالجَلالِ، وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ الدَّاعِي إِلَى خَيْرِ الخِصَالِ، وَطَيِّبِ الأَقْوَالِ وَالأَفْعَالِ، r وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَالتَّابِعِينَ إِلَى يَوْمِ العَرْضِ وَالنَّوَالِ.
أَمَّا بَعْدُ، فَيَا عِبَادَ اللهِ:
إِنَّ تَرْبِيَةَ المُرَاهِقِينَ تَسْـتَوْجِبُ تَعْرِيفَهُمْ مَسْؤُولِيَّاتِهِمْ فِي أَنْفُسِهِمْ وَأَوْطَانِهِمْ، وَمَا عَلَيْهِمْ فِعْـلُهُ تِجَاهَ أُمَّـتِهِمْ وَأَهْـلِهِمْ، فَهُمْ جُزْءٌ مِنْ كِيَانِ الأُمَّةِ، وَطَرَفٌ لَهُ تَأْثِيرُهُ فِي كُلِّ مُجتَمَعٍ، وَلا يَنْبَغِي أَنْ يَغْفُلَ عَنْهُمْ أَهْـلُ الاخْتِصَاصِ، أَوْ يَتَجَاهَلَ قَدْرَهُمُ القَائِمُونَ عَلَى مَصَالِحِ البِلادِ وَالعِبَادِ. وَدِعَامَةُ ذَلِكَ تَرْبِيَةُ الشَّبَابِ عَلَى البَذْلِ وَالعَطَاءِ، وَالجِدِّ وَالاجتِهَادِ، وَتَهْيِئَةُ أَسْبَابِ الإِبْدَاعِ وَالابتِكَارِ،  وَعُلُوِّ الشَّأْنِ وَشَرَفِ المِقْدَارِ، يَقُولُ اللهُ تَعَالَى: ] الَّذِينَ قَالَ لَهُمُ النَّاسُ إِنَّ النَّاسَ قَدْ جَمَعُوا لَكُمْ فَاخْشَوْهُمْ فَزَادَهُمْ إِيمَانًا وَقَالُوا حَسْبُنَا اللَّهُ وَنِعْمَ الْوَكِيلُ (173) فَانْقَلَبُوا بِنِعْمَةٍ مِنَ اللَّهِ وَفَضْلٍ لَمْ يَمْسَسْهُمْ سُوءٌ وَاتَّبَعُوا رِضْوَانَ اللَّهِ وَاللَّهُ ذُو فَضْلٍ عَظِيمٍ (174)  [([3])، وَاعلَمُوا - أَيُّهَا الشَّبَابُ - أَنَّكُمْ عِنْدَ اللهِ مِنَ المَقْبُولِينَ الفَائِزِينَ مَا دُمْـتُمْ عَلَى الطَّاعَةِ وَالمَعْرُوفِ.
فَاتَّقُوا اللهَ - أَيُّهَا الشَّبَابُ -، وَقُومُوا بِمَا يُرَادُ مِنْكُمْ فِي تَطَلُّعَاتِ أَوْطَانِكُمْ، وَكُونُوا سَوَاعِدَ خَيْرٍ فِي بِنَاءِ أُمَّـتِكُمْ، وَأَثْبِتُوا جَدَارَتَكُمْ فِي مَحَافِلِ العِلْمِ وَالعَمَلِ، وَحَافِظُوا عَلَى مَآثِرِ أَجْدَادِكُمْ، وَمُنْجَزَاتِ بَلَدِكُمْ، وَكُونُوا خَيْرَ خَلَفٍ لِخَيْرِ سَلَفٍ.
هَذَا وَصَلُّوْا وَسَلِّمُوْا عَلَى إِمَامِ الْمُرْسَلِيْنَ، وَقَائِدِ الْغُرِّ الْمُحَجَّلِيْنَ، فَقَدْ أَمَرَكُمُ اللهُ تَعَالَى بِالصَّلاَةِ وَالسَّلاَمِ عَلَيْهِ فِي مُحْكَمِ كِتَابِهِ حَيْثُ قَالَ عَزَّ قَائِلاً عَلِيْمًا: ) إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا (56)  ([4]).
اللَّهُمَّ صَلِّ وسَلِّمْ عَلَى سَيِّدِنَا مُحَمَّدٍ وَعَلَى آلِ سَيِّدِنَا مُحَمَّدٍ، كَمَا صَلَّيْتَ وسَلّمْتَ عَلَى سَيِّدِنا إِبْرَاهِيْمَ وَعَلَى آلِ سَيِّدِنا إِبْرَاهِيْمَ، وَبَارِكْ عَلَى سَيِّدِنَا مُحَمَّدٍ وَعَلَى آلِ سَيِّدِنَا مُحَمَّدٍ، كَمَا بَارَكْتَ عَلَى سَيِّدِنَا إِبْرَاهِيْمَ وَعَلَى آلِ سَيِّدِنا إِبْرَاهِيْمَ، فِي العَالَمِيْنَ إِنَّكَ حَمِيْدٌ مَجِيْدٌ، وَارْضَ اللَّهُمَّ عَنْ خُلَفَائِهِ الرَّاشِدِيْنَ، وَعَنْ أَزْوَاجِهِ أُمَّهَاتِ المُؤْمِنِيْنَ، وَعَنْ سَائِرِ الصَّحَابَةِ أَجْمَعِيْنَ، وَعَنْ المُؤْمِنِيْنَ وَالمُؤْمِنَاتِ إِلَى يَوْمِ الدِّيْنِ، وَعَنَّا مَعَهُمْ بِرَحْمَتِكَ يَا أَرْحَمَ الرَّاحِمِيْنَ.
اللَّهُمَّ اجْعَلْ جَمْعَنَا هَذَا جَمْعًا مَرْحُوْمًا، وَاجْعَلْ تَفَرُّقَنَا مِنْ بَعْدِهِ تَفَرُّقًا مَعْصُوْمًا، وَلا تَدَعْ فِيْنَا وَلا مَعَنَا شَقِيًّا وَلا مَحْرُوْمًا.
اللَّهُمَّ إِنَّا نَسْأَلُكَ الْهُدَى وَالتُّقَى وَالعَفَافَ وَالغِنَى.
اللَّهُمَّ إِنَّا نَسْأَلُكَ أَنْ تَرْزُقَ كُلاًّ مِنَّا لِسَانًا صَادِقًا ذَاكِرًا، وَقَلْبًا خَاشِعًا مُنِيْبًا، وَعَمَلاً صَالِحًا زَاكِيًا، وَعِلْمًا نَافِعًا رَافِعًا، وَإِيْمَانًا رَاسِخًا ثَابِتًا، وَيَقِيْنًا صَادِقًا خَالِصًا، وَرِزْقًا حَلاَلاًَ طَيِّبًا وَاسِعًا، يَا ذَا الْجَلاَلِ وَالإِكْرَامِ.
اللَّهُمَّ أَعِزَّ الإِسْلاَمَ وَالْمُسْلِمِيْنَ، وَوَحِّدِ اللَّهُمَّ صُفُوْفَهُمْ، وَأَجْمِعْ كَلِمَتَهُمْ عَلَى الحَقِّ، وَاكْسِرْ شَوْكَةَ الظَّالِمِينَ، وَاكْتُبِ السَّلاَمَ وَالأَمْنَ لِعِبادِكَ أَجْمَعِينَ.
اللَّهُمَّ رَبَّنَا احْفَظْ أَوْطَانَنَا وَأَعِزَّ سُلْطَانَنَا وَأَيِّدْهُ بِالْحَقِّ وَأَيِّدْ بِهِ الْحَقَّ يَا رَبَّ العَالَمِيْنَ.
اللَّهُمَّ رَبَّنَا اسْقِنَا مِنْ فَيْضِكَ الْمِدْرَارِ، وَاجْعَلْنَا مِنَ الذَّاكِرِيْنَ لَكَ في اللَيْلِ وَالنَّهَارِ، الْمُسْتَغْفِرِيْنَ لَكَ بِالْعَشِيِّ وَالأَسْحَارِ.
اللَّهُمَّ أَنْزِلْ عَلَيْنَا مِنْ بَرَكَاتِ السَّمَاء وَأَخْرِجْ لَنَا مِنْ خَيْرَاتِ الأَرْضِ، وَبَارِكْ لَنَا في ثِمَارِنَا وَزُرُوْعِنَا وكُلِّ أَرزَاقِنَا يَا ذَا الْجَلاَلِ وَالإِكْرَامِ.
رَبَّنَا آتِنَا في الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفي الآخِرَةِ حَسَنَةً وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ.
رَبَّنَا لا تُزِغْ قُلُوْبَنَا بَعْدَ إِذْ هَدَيْتَنَا، وَهَبْ لَنَا مِنْ لَدُنْكَ رَحْمَةً، إِنَّكَ أَنْتَ الوَهَّابُ.
رَبَّنَا ظَلَمْنَا أَنْفُسَنَا وَإِنْ لَمْ تَغْفِرْ لَنَا وَتَرْحَمْنَا لَنَكُوْنَنَّ مِنَ الخَاسِرِيْنَ.
اللَّهُمَّ اغْفِرْ لِلْمُؤْمِنِيْنَ وَالْمُؤْمِنَاتِ، وَالْمُسْلِمِيْنَ وَالْمُسْلِمَاتِ، الأَحْيَاءِ مِنْهُمْ وَالأَمْوَاتِ، إِنَّكَ سَمِيْعٌ قَرِيْبٌ مُجِيْبُ الدُّعَاءِ.
عِبَادَ اللهِ:
) إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالْإِحْسَانِ وَإِيتَاءِ ذِي الْقُرْبَى وَيَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ وَالْبَغْيِ يَعِظُكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ (90)  (.




([1]) سورة الروم / 54 .
([2]) سورة الفرقان /  68-70.
([3]) سورة آل عمران / 173-174 .
([4]) سورة الأحزاب / 56 .